بيان اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بمناسبة يوم المرأة العالمي

الرئيسية > المركز الاعلامي > الأخبار > بيان اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بمناسبة يوم المرأة العالمي
Printer Friendly, PDF & Email

جاء اليوم المرأة العالمي تقديرا لنضال المرأة من أجل حقوقها العمالية منذ العام 1908، تأكيدا لأهمية نضال المرأة واستمراره أينما كانت من أجل الحق والعدالة والمساواة. ويحمل يوم المرأة العالمي هذا العام شعار "المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام"، اعترافًا بمساهمات النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، في جميع مجالات التنمية المستدامة، واعترافا بالآثر المضاعف للتغير المناخي عليهن وعلى الفئات الأكثر هشاشة، ودورهن في التكيف مع آثره والتخفيف من حدته، والاستجابة له لبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع. وعلى هذا الصعيد لا بد من ذكر أن الأردن من أول الدول في المنطقة التي تبنت برنامجا لإدماج النوع الإجتماعي منذ العام 2010، وسياسة وطنية لتغير المناخ المحدثة 2022-2050 في جهود مجابهة التغير المناخي؛ تأخذ بالاعتبار خصوصة الوضع الجغرافي لكل منطقة من مناطق الأردن، حيث سيعرض كامل هذا الانجاز في الجلسة السادسة والستين للجنة وضع المرأة القادمة وسيناقش "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات في سياق البرامج والسياسات الرامية إلى الحد من أخطار تغير المناخ والكوارث البيئية" المزمع عقده في الاسبوع القادم في نيويورك.

تؤكد اللجنة الوطنية لشؤون المرأة التي تحتفل هذا العام بمرور ثلاتين عاما على تأسيسها بأنها وبالرغم من بالانجازات والتقدم المحرز اتجاه تحقيق رؤية استراتيجية المرأة في الأردن 2020-2025 "مجتمع خالٍ من التمييز والعنف المبني على أساس الجنس تتمتع فيه النساء والفتيات بالحقوق الانسانية الكاملة والفرص المتساوية لتحقيق التنمية المستدامة"، إلا أن التحديات التشريعية والمؤسسية والمجتمعية لا زالت تواجه تحقيق هذه الرؤية، وأن مسيرة المطالبة بحقوق المرأة في الأردن مستمرة وأن العدالة والمساواة لا يمكن تحقيقها دون الاعتراف بالمواطنة الكاملة للمرأة الأردنية. وقد ارتأت شؤون المرأة هذا العام ان تعبر عن تقديرها لقامة نسوية رحلت من بيننا منذ بضعة شهور لتترك فراغا كبيرا وإرثا طويلا من النضال من أجل حقوق الانسان والمرأة (معالي الأستاذة أسمى خضر)، التي كانت ملهمة في حياتها وكرست جهدها بتفاني لتغيير حياة العديد من النساء وشجعت كل امرأة وفتاة لان تكون واعية وقادرة على التأثير بمجتمعها.

وفي هذا اليوم لأ بد من الإشارة إلى جهود الأردن باتجاه تحقيق الهدف الخامس من اهداف التنمية المستدامة (تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات)، وهو على أعتاب تقديم التقرير الطوعي الثاني لرصد التقدم المحرز لاهداف التنمية المستدامة 2030، مؤكدين أن الأعوام الأخيرة قد شهدت مجموعة من التعديلات التشريعية نحو تحقيق المزيد من العدالة والمساواة للمرأة في الأردن، منها تعديل الدستور، ومشروعي  قانوني الانتخاب والأحزاب، إلا أنها جميعا لا زالت دون الطموح وتواجه بعض الاتجاهات المجتمعية الرافضة لتحقيق المساواة للنساء. ولا زال قانون العمل الذي شهد تعديلات هامة  في عام 2019، ينتظر المزيد من التعديلات التي تزيل التمييز ضد المرأة ويمنح الأطفال حقوقهم في الحصول على الرعاية الوالدية، ويحمي العاملين والعاملات من التحرش والعنف في عالم العمل. وشهد عام 2021 صدور أنظمة هامة مثل نظام عمال الزراعة عام 2021 لحماية حقوق العاملين في هذا القطاع. ويساهم نظام الحماية الاجتماعية في تكاليف دور الحضانة للأمهات العاملات من خلال صندوق الأمومة. ونظام العاملين في المنازل وجميعها تسعى لتوفير المزيد من الحماية في عالم العمل، وعلينا أن نعمل على تقييم هذه الأنظمة وتطبيقاتها لتقدير مدى تحقيقها للعدالة والمساواة للنساء.

بالرغم من الجهود والتقدم المحرز، حيث تقدم الأردن في مؤشر الفجوة بين الجنسين من المرتبة 138 لعام 2020 إلى المرتبة 131 من بين 156 دولة في عام 2021، إلا أن المرأة لا زالت تعاني من مجموعة من التحديات التي تعيق وصولها إلى الفرص المتساوية وحقوقها الانسانية الكاملة دون تمييز أو عنف. هذا وتشكل المشاركة الاقتصادية للمرأة أبرز التحديات رغم ارتفاع المستوى التعليمي للإناث الذي لم ينعكس إيجابا على دخولهن لسوق العمل، حيث بلغت المشاركة الاقتصادية للمرأة 14.7% فقط وهي من أقل النسب على مستوى العالم، في ظل محدودية قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل جديدة للداخلين الجدد للسوق، مع للحاجة لتعديل التشريعات والسياسات لتوفير البيئة المناسبة من توسع في خدمات واقتصاد الرعاية ووسائل نقل أمنة وتوسيع نطاق العمل المرن، وتواجه صاحبات المشاريع تحديات خاصة بتنمية المهارات والتسويق، كما لا زال هناك حاجة لمراجعة سياسات وبيئة الإقراض لضمان دعمها لريادة الأعمال وحماية النساء من الضغوطات الاجتماعية وتجنب وقوعهن في تبعات الديون. وترتفع مشاركة المرأة فـي القطاع غير الرسمي ومعظمهن من العاملات في الزراعة ما يعني معاناة المزيد مـن النساء من انعدام الأمن الوظيفي وظروف العمل غير الملائمة، وعدم شمولهن بنظام الحماية الاجتماعية الذي يوفر برامج دعم مختلفة ومن ضمنها تأمين الأمومة ودعم حضانات الاطفال.

ولا زالت مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار متذبذبة خاصة على المستوى الوزاري، ولم تستطع النساء اختراق حاجز الكوتا في الانتخابات البرلمانية لعام 2021، ولا زالت نسبة مشاركتهن في المجالس المنتخبة والمعينة بعيدة عن الوصول لـ 50/50 بحلول 2030. وبالرغم من وصول النساء للسلك القضائي بنسبة تشكل 28%، إلا أن وجودها لا زال ضعيفا في المحاكم الدستورية والإدارية وفي المجلس القضائي حيث تُمثل بقاضية واحدة في كل منها. كما تغيب المرأة عن القضاء الشرعي، وتم تعيين قاضية واحدة فقط عضوة في محكمة الاستئناف الكنسية لإحدى الطوائف المسيحية عام 2020. ولا زالت المرأة تواجه العديد من العقبات التي تضيق من فرص وصولها إلى المواقع المنتخبة من حيث السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتتمثل في: التوجهات الاجتماعية المنحازة للمرشحين الذكور بسبب موازين القوى السياسية والاقتصادية التي تميل لصالحهم، بالاضافة لأشكال التنمر والعنف السياسي الذي تصاعد مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي. ولازالت بيئة العمل السياسية والأحزاب لا تراعي الاحتياجات المختلفة للنساء. كما أن النساء والفتيات يشكلن النسبة الأكبر من ضحايا العنف الأسري وقد بلغت عند حالات العنف الأسري الواقعة على الإناث والواردة إلى إدارة حماية الأسرة والأحداث للعام 2021 31706 حالة، منها 22221 عنفا جسديا، و1237 عنفا جنسيا بالإضافة إلى العنف النفسي والإهمال.  

ولا بد من الإشارة إلى أن جائحة كوفيد-19 قد ساهمت في تزايد العنف وتعميق أوجه عدم المساواة التي تواجهها النساء والفتيات على المستوى العالمي، فقد أظهرت نتائج تقرير المؤشر الذي صدر حديثا عن منظمة تدابير القياس الدولية والتي عنونت التقرير بعبارة أن "العودة إلى الوضع الطبيعي" ليست طموحة بما فيه الكفاية، أنه لا تزال أكثر من ثلاثة مليارات فتاة وامرأة تعيش في بلدان ذات درجات (ضعيفة) أو (سيئة للغاية) للمساواة بين الجنسين. خاصة وأنه على الصعيد العالمي لم تنفق الدول للتعامل مع العنف القائم على أساس الجنس سوى 0.0002% من 26.7 تريليون دولار من مخصصات تمويل الاستجابة للجائحة. وقد احتل الأردن المرتبة 80 من بين 144 دولة محققاً درجة 66.2 ليحرز تقدماً بمقدار 2.1 درجة مقارنة بالعام 2015، وقد جاء ثالثا على مستوى الدول العربية بعد الإمارات والمغرب. وبالرغم من تدني مؤشر المنطقة العربية نسبياً بمعدل  65.8 (ضعيفة) إلا أنها سجلت أعلى تحسن مقارنة بالمناطق الأخرى منذ العام 2015 بمقدار (+2.5 نقطة)، بالأخص السعودية ومصر والعراق والامارات العربية التي ارتفعت بمقدار يزيد على (+5) نقاط في الخمس سنوات الأخيرة. ويُذكر أن المؤشر يصنف مدى تقدم البلدان نحو المساواة بين الجنسين بناء على مقياس من 0 – 100 مقسمة الى خمس فئات حيث تمثل الدرجة 0 ضعيف جداً و100 جيد جداً. وأورد التقرير عدداً من التوصيات لتحقيق المساواة بين الجنسين، أهمها تعزيز قيادة الفتيات والنساء ومشاركتهن وسماع صوتهن وزيادة إبراز دور المرأة في الحياة العامة. الى جانب سد الفجوات في البيانات بين الجنسين وهذا يعني الاستثمار في تحسين البنية التحتية للبيانات وتفعيل الشراكة بين أصحاب المصلحة المختلفين ومنتجي البيانات.

ومن هنا تشكل الاستراتيجية الوطنية للمرأة في الأردن 2020-2025 2030، فرصة لإحداث التغيير المطلوب، خاصة أنه استخدمت معايير الهشاشة المختلفة مثل السن، الإعاقة، المناطق النائية، حالة الهجرة واللجوء وغيرها وهذا يتطلب توفر البيانات حول هذه المعايير لتتمكن المؤسسات الرسمية من تتبني أطر فعالة للمساءلة وتطوير وتبني السياسات وتقديم الخدمات وتخصيص الموارد لدعم تحقيق المسساواة بين الجنسين. هذا وتترابط الاستراتيجية مع الخطة الوطنية لتفعيل القرار الأممي رقم 1325 (المرأة والأمن والسلام)، والخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان 2016-2025، وخطة التمكين الاقتصادي للمرأة 2019-2024، ومصفوفة الأولويات الوطنية لتعزيز منظومة الحماية من العنف الأسري وحماية الطفل للأعوام (2021-2023)، والإطار الوطني للحماية من العنف الأسري. ويتم حاليا ادماج استراتيجية المرأة ضمن 24 قطاعا تنمويا في البرنامج التنفيذي التأشيري للحكومة كوسيلة لضمان تنفيذ استراتيجية المرأة ولتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة المتعلقة بتحقيق المساواة بين الجنسين.

وأخيرا ما يمكن تأكيده في احتفالنا بيوم المرأة العالمي هو أن إشراك المرأة بالحياة العامة وإعطاء الفرصة للجميع من أهم شروط الديمقراطية الحقيقية وأحد مقوماتها واركانها دون تفرقة لأي سبب يتعلق بالجنس، وإذا كانت المساواة منصوص عليها بالدساتير إلا أنها تحتاج لآليات لتطبيقها على أرض الواقع وإلى تفعيل مبدأ العدالة إلى جانب المساواة. من هنا يبقى النهوض بوضعية المرأة أمرا ملحا يتطلب تضافر جهود كل مكونات المجتمع، وخاصة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والصحية التي نعيشها اليوم. فحقوق المرأة هي حقوق إنسان، وأن المساواة بين الجنسين أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة.