حل لا غنى عنه ام شر لا مفر منه؟ : تعدد الزوجات هاجس المرأة في كل بيت

Printer Friendly, PDF & Email
image

بالرغم من أباحة الاسلام لتعدد الزوجات ، إلا أنه جعل له ضوابط تكفل مصلحة جميع الأطراف ، والمرأة على وجه الخصوص ، حيث ضمن لها العدالة والمساواة فيما يستطيعه الإنسان ويملكه من مأكل ، وملبس ، ونفقة ، ومسكن ، وعلاقة زوجية قائمة على المودة والرحمة.والله تعالى يقول "وإن لم تعدلوا فواحدة" وأتمها بقوله الكريم وهو الأعلم بشؤون خلقه فقال "ولن تعدلوا".فالإسلام أباح التعدد لكن مشروطاً بالعدل والمقدرة وقصره على أربع ، وفي حال وقوع الظلم أوعدم القدرة عليه ، وجب الاكتفاء بواحدة.

نوال موظفة قطاع عام وهي سيدة تزوج عليها زوجها قالت: أنا ضد موضوع تعدد الزوجات تماماً ، واكبر مثال على سلبيات التعدد هو أني فقدت الاستقرار في حياتي بعدما تزوج زوجي علي ولم أعد أجده بجواري .وتضيف ، زواج الرجل بأكثر من واحدة لا يبرر طلب الطلاق ، كما أنني أحب زوجي ولا أستطيع أن أحرم أولادي منه. وبالتالي أحاول التكيف راضية بالأمر الواقع.وتابعت متأثرة ، إن أكثر ما يؤلم المرأة حين يتزوج عليها زوجها هوانكسار قلبها وجرح مشاعرها "وهوان العشرة" وموقفها أمام أقاربها ، حيث تبدو وكأنها زوجة ناقصة ، هذا بخلاف نظرات الشفقة أو الشماتة من الآخرين.

آمال موظفة في احدى جامعات القطاع الخاص فقالت: أيهما أشرف للرجل وللزوجة الأولى : أن يتزوج عليها ، أم يخونها؟ ، . فمتى يفهم المجتمع أن ما يقره الشرع خير ألف مرة من الوقوع في الخطيئة التي يدفع إليها الرجل دفعاً ثم يعاقب عليها ، . وتستدرك حديثها قائلة ، مع كل ذلك أنا لا أؤيد موضوع التعدد على المطلق ، بل لا بد أن يكون بدوافع قوية ، ولحالات خاصة تحددها ظروف كل من الرجل والزوجة الثانية ، وأن يأتي التعدد كحل لمشكلة قائمة بالفعل وليس البحث عن مشكلة جديدة.

وعن رأي الرجال يقول كمال وهو مدرس ، أؤيد فكرة الزواج الثاني ولكن فقط إذا مرضت الزوجة الأولى ، ولم تعد قادرة على تلبية مطالب زوجها ، هنا تكون فكرة تعدد الزوجات أمرًا مشروعًا. أما عبد الحليم - صاحب مطعم - فيقول: أنا متزوج من اثنتين وكنت في الحقيقة غير مقتنع بالفكرة ، ولكن زوجتي الأولى اقنعتني لأنها لا تنجب ، وأنا احترمها جدًا وأحبها كثيرًا ، ولكنني كنت أتمنى أن يكون لي طفل ، ووجدت بالفعل أن الزواج الثاني هو الحل لمشكلتي ، وقد قبلته هي مني ، وطلبت أن أبقي عليها في عصمتي ولا أطلقها ، وبالفعل هي تعيش في راحة تامة ، ويسود التفاهم بين الزوجتين وحتى أطفالي من الزوجة الثانية ينادونها بأمي ، لأنها تعاملهم معاملة الأم.

الدكتور محمد القضاة أستاذ بكلية الشريعة في الجامعة الأردنية ، قال ان الإسلام لم يبتدع نظام تعدد الزوجات وإنما أقره من حيث المبدأ ، ووضع له جملة من الضوابط الشرعية والأخلاقية والإنسانية ، كان الهدف منها رفع قيمة المرأة والبعد عن ابتذالها ، فإذا راجعنا نصوص القرآن والسنة ، فإننا نجد إباحة التعدد كما يفهم من قوله تعالى "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ".وقد حددت الآية الكريمة التعدد بقوله تعالى "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" فمن رغب أن يتزوج أكثر من زوجة فلا بد أن تكون عنده القدرة على العدل المادي أي القدرة على الإنفاق ، والقسمة في المبيت ، وهي في مقدور الإنسان ، أما من لم يأنس في نفسه القدرة على ذلك فإن زواجه من أخرى يُفضي إلى الظلم الذي حرمه الله. أما قضية الميل القلبي فالإنسان لا يحاسب عليه عند الله ، لأنه لا يملكه والنبي عليه السلام بين ذلك في الحديث الشريف "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".

وأكد د. القضاة أن الميل القلبي المقصود لا يرتبط بالقدرة المالية لأن كثيرا من الناس عنده المال ولكنه لا يستطيع أن يعدل بين زوجتين أو أكثر ، كذلك فإن تعدد الزوجات لا يرتبط بالبيئات الفقيرة كما يزعم بعض الناس لأن من الملاحظ أن تعدد الزوجات ينتشر في الطبقات الثرية والمتوسطة . وعن الضوابط الشرعية لتعدد الزوجات أفاد د. القضاة أن بعض العلماء حددوا إباحة التعدد في حالات منها أن تكون المرأة مريضة بمرض مزمن ولا تستطيع الإنجاب ، فيضطر الزوج الى الزواج من أخرى مع محافظته على صورة العدل المشرقة بين زوجاته . وربما في أحوال طبيعية أو غير طبيعية كأن يزيد عدد النساء على الرجال كما تدل الإحصائيات في الحروب ، وحتى نخلص المرأة من الفتنة والوقوع في المعاصي ، وقد يلجأ بعض الرجال إلى التعدد مساهمة منهم في حل هذه المشاكل الإجتماعية وغيرها كالعنوسة التي أصبحت من الهموم المقلقة في عالمنا العربي والإسلامي. إذا فالتعدد مباح إذا دعا له داع ويمنع إذا لم يكن له داع وهو مشروط بعدم الجور فإذا خاف الجور وجبت له زوجة واحدة.